كانت مدينة عمورية مدينة صغيرة من أجمل مدن دولة الخلافة العباسية ، حيث كانت تقع على الحدود الفاصلة بين دولة الخلافة العباسية ودولة الروم البيزنطية. ولطالما كان الروم قد طمعوا بالاستيلاء على هذه المدينة لطبيعتها الخلابة وجمالها الأخاذ وموقعها الاستراتيجي . فكان ما كان ....في أحد الأيام بالفعل
..... أن جهَّز ملك الروم جيشاً ، فغزا هذه المدينة واستولى عليها وبطش بأهلها ، فأسر من أسر ، وسبى من سبى من أهل هذه المدينة الصغيرة الجميلة .وكان في عداد الأسرى .... فتاة رائعة الجمال ، سيق بها إلى سوق العبيد ، وصار المنادي ينادي عليها لبيعها . أقبل أحد رعايا الروم ... ففتنه وأعجبه جمال الفتاة ..... فاشتراها من النخاس ودفع ثمنها . ولما أخذ الرجل الرومي الفتاة من يدها ، صارت تبكي بأعلى صوتها صارخةً : " وامعتصماه ، وامعتصماه "
لفتت الفتاة أنظار الناس جميعاً وهي تبكي وتصرخ ، فبدأ سيدها الرومي يجلدها بسوطه . كان من بين الناس الذين شاهدوا هذه الواقعة ، أي واقعة الفتاة وهي تبكي وتصرخ بأعلى صوتها " وامعتصماه " ..... فارساً عربياً من أهل المدينة كان قد تخفى في المدينة ، فاستقلَّ الفتى فرسه على الفور ، وسافر إلى بغداد ....
لإعلام الخليفة المعتصم بما رأته عيناه . بعد أيام ..... وصل هذا الفتى بغداد منهكاً من تعب السفر ومشقتة . استأذن الفتى بالدخول على الخليفة المعتصم . دخل الفتى على الخليفة المعتصم ، وسرد له بالتفصيل المملّ .... ما رأته عيناه وسمعته أذناه . لدى سماع قصة الفتى ....... ثارت ثائرة المعتصم ،وغضب غضباً شديداً ، ولم يهدأ له قرار . استبقى المعتصم الفتى في قصره ، ثم استدعى رسولاً من بلاطه ، وحمله كتاباً إلى ملك الروم كتب فيه فقط بضع كلمات .... هي التالية :" بسم الله الرحمن الرحيم .... من أمير المؤمنين المعتصم بالله .... إلى كللب الروم : لتخرجَّن من المدينة ، أو لأخرجنك منها صاغراً ذليلاً " .حمل الرسول الكتاب على الفور ، وبعد أيام جاء الرد من ملك الروم إلى المعتصم على لسان رسول المعتصم : " ليفعل أميركم ما يعتقد أنه قادرٌ على فعله "لما سمع الخليفة المعتصم بهذا الرد ، استدعى على الفور قواد جيشه ، وأمر بتجهيز جيش جرار ...... قوامه تسعين ألف رجل ..... .... استدعى الخليفة الفتى وطلب منه مرافقة الجيش ليدلهم على الفتاة ..... زحف جيش المعتصم ..... باتجاه المدينة المسلوبة . ولما بلغ الروم خبر زحف الجيش الجرار عليهم ، ألقي الرعب والهلع في قلوبهم . أمر ملك الروم على الفور بتحصين المدينة وإغلاق أسوارها ..............
ولما بلغ جيش المعتصم أسوار المدينة ، استعصى عليهم دخولها . أمر قواد الجيش جنودهم بمحاصرة المدينة من جهاتها الأربعة .استمر حصار المدينة أيامأ ، لم يستسلم على أثرها جيش الروم داخل المدينة .بلغ الخليفة المعتصم أمر حصار المدينة ، فأمر على الفور بهدم أسوار المدينة .... ودخولها . أمر قواد جيش المعتصم جنودهم ، فدكوا أسوار المدينة بالفيلة والمناجيق .دخل الجيش الجرار المدينة ، وألقي الرعب والهلع في قلوب جنود جيش الروم الذين ولوا فارين هاربين من رماح جنود جيش المعتصم وسيوفهم ومناجيقهم وحرابهم ...... حتى قيل أن دماء جنود جيش الروم صارت تجري كالسواقي في أزقة المدينة . دارت معركة قصيرة ، انتصر فيها جيش المعتصم على جيش الروم انتصاراً قوياً ساحقاً مدوياً . هام جنود جيش الروم على وجوههم ، ولاذوا بالفرار ، مخلِّفين أسلحتهم وقتلاهم وجرحاهم وأسراهم ...... أمر قواد جيش المعتصم جنودهم ...... فأضرموا النيران في مواقع جيش الروم .... وخيامهم التي كانوا قد نصبوها حينما استولوا على المدينة .... ولما أحكم جيش المعتصم سيطرته على المدينة ، وأسر المئات والآلاف من جنود جيش الروم وأعوانهم وقادتهم وزعمائهم ، استدعى قواد الجيش الفتى الذي كان برفقتهم وفي حمايتهم .......... والذي كان قد عاين بأم عينيه .......
مشهد الفتاة السبية المسكينة .طلب قواد الجيش من الفتى – كما أمر المعتصم – إرشادهم إلى الفتاة وسيدها . ولما أرشدهم قاموا بتحريرها ، وأسر سيدها الرومي وجعله عبداً مملوكاً للفتاة . عادت الفتاة سيدة حرة أبية ... وسألها أحد القواد مداعباً (السؤال الشهير) : " هل لبى المعتصم نداءكِ " أعتق جيش المعتصم سائر الأسرى والسبايا الذين كان جيش الروم الذليل المنهزم قد أسرهم وأذلهم ، ليعودوا أحراراً أعزاء ، وليعود من أسرهم وأذلهم من الروم أسرى أذلاء صاغرين .هذه هي بحق ... عزة العربي ونخوة المسلم ، فهل يوجد في أمتنا العربية اليوم من هو بنخوة وإباء الخليفة العباسي المعتصم بالله ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق