ملابسنا


ملابس محجبات


الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

تخلص من الملل وعيش الحياة



تخلَّص من الملل و«عيش» الحياة



د.هشام عادل صادق ٢/ ٧/ ٢٠١٠أصبح الملل والإحباط إحدى أبرز الظواهر المجتمعية فى عصرنا الحالى. الكثيرون يعانون من الملل والأكثر من الإحباط، وأصبحت هناك عبارات تتردد باستمرار منها «أنا زهقان.. أنا مخنوق»، وعندما تتساءل عن السبب تتمحور الإجابة حول استمرار الحياة على وتيرة واحدة «دون تغيير». والغريب أن هذه العبارات كانت فى البداية متداولة بين الشباب، خاصة أن هذه المرحلة العمرية «تعشق التغيير» وترفض الروتين، وأصبحت الآن تتردد على ألسنة الكثيرين بمختلف الفئات العمرية، مما يعنى أن هناك مشكلة «نفسية» يعانى منها المجتمع فى الوقت الراهن، تستدعى التدقيق والبحث العلمى.

وفى الحقيقة قد يشير البعض إلى أن السبب وراء الملل والإحباط هو التنامى غير المسبوق لضغوط الحياة، ورغم أنه أحد الأسباب وليس السبب الوحيد وراء شيوع هذه الظواهر فهناك الكثيرون ممن يمكننا وصفهم بالطبقات الاجتماعية التى تتمتع بالثراء يعانون منهما، ويضاف إليهما الاكتئاب، مما يعنى أن هناك أسباباً أخرى تشارك هذه «الضغوط» فى شيوع هذه الظواهر.



والمفارقة أن هذه الظواهر أصبحت حقيقة فعلية، ورغم التقدم والتطور الرهيب فى مجال التسلية والترفيه، فإنه من الواضح أن (الشىء اللى يزيد عن حده يتقلب ضده)، لأنه كلما زادت وسائل الترفيه والتسلية زاد الشعور بالملل والزهق، فمثلا منذ ١٠ أو ١٥ عاما لم تكن هناك هذه الفضائيات أو البرامج الترفيهية التى لا حصر لها، وغالبا ما تجد البعض يؤكد أن التليفزيون «يزهّق»! مع أنه عندما كان التليفزيون ينحصر فى القناتين الأولى والثانية فقط، والإرسال ينتهى عند منتصف الليل بالقرآن الكريم والسلام الجمهورى، كنا نستمتع به كثيرا وننتظر الفيلم أو المسرحية أو برنامج «اخترنا لك» ـ سهرة الأربعاء. 



ونفس الأمر بالنسبة لكل الاختراعات الحديثة، كان جهاز الكمبيوتر متواضعاً جدا ولكنه كان مفيداً ومسلياً والتليفون المحمول الذى أصبحت له استخدامات كثيرة كلها بعيدة كل البعد عن فائدته الحقيقية فى استخدامه كوسيلة اتصال فى أوقات الضرورة. 





الغريب جدا فى الموضوع بالنسبة لى بالأخص، لعلمى بتركيب وإمكانيات مخ الإنسان وقدرته على أن يعقل الأمور ويسخر الحياة بوسائلها المختلفة لمصلحته ولتحسين جودة حياته فإنه أصبح يسىء استخدام كل شىء بل أصبح يسىء استخدام نفسه(!)، وأقصد بذلك صحته النفسية والذهنية والبدنية ، حيث زادت معدلات التوتر من كثرة الأشياء السلبية والمثيرة للأعصاب وغير المهمة إلى حد كبير، التى يتعرض لها الإنسان، وزادت معها شكوى النسيان، فيأتينى شباب يقول «شكلى بقى عندى ألزهايمر» (!) وهو مرض يصيب من هم فوق الخمسة وستين، وهو عبارة عن بداية فقدان ذاكرة للأحداث القريبة.



وأصبح الناس يشكون من الأرق وصعوبة النوم ، كما ابتعد الكثيرون، خاصة الشباب، عن القراءة والرياضة والاستمتاع بالطبيعة والرحلات والمعسكرات والمخيمات، وافتقد البعض الاستمتاع بالموسيقى وأقصد الموسيقى الحقيقية التى هى غذاء الروح، ولا أعتقد أن ما نسمعه حاليا يغذى الروح بل هو «يعذب» الكيان!. وأعتقد أن السبب الأساسى فى أن «البنى آدم خنق نفسه بنفسه» هو السرعة الكبيرة فى معدل التطور، مما تسبب فى تشتت الذهن، ولهذا لابد من وقفه حقيقية لمن يشعر بالملل مع نفسه.



فالملل هو أحد المشاعر السلبية التى قد تؤدى إلى الأفكار السلبية وبالتالى السلوك السلبى، والحكمة والمهارة فى ألا يترك الإنسان مشاعره لتتحكم فى أفكاره وتصرفاته، لأنها تجعلة يهدر أشياء بالغة الأهمية فى أمور لا طائل منها، لعل أهمها الوقت لأن الوقت من الأشياء الثمينة جدا، ويجب على الانسان الحفاظ عليه، والاستفادة منه عن طريق التخطيط والتنظيم الجيد، لأن وضع نظام وخطة وأهداف فى الحياة هو من أسرار نجاح الإنسان والمجتمعات والشعوب فالوقت نعمة.

ولابد مع توافر الخطط والأهداف أن يكتسب الإنسان القدرة على التحكم الشديد فى أفعاله وتصرفاته، ففى ظل مفهوم إيجابى عن الوقت ومشاعر إيجابية نحو إمكانية استغلاله والاستفادة منه وتنظيمه والتخطيط الجيد يمكن أن أتحكم فى خطواتى فى الحياة التى تشعرنى بالنجاح والتقدم والتطور، وفى ظل النجاح لا يمكن أن يشعر الإنسان بالملل.



ولهذا إذا أردنا وصف «روشتة» مبدئية للتخلص من الملل فلابد أن تبدأ من الآن فى «تطوير عملك واجتهد وانجح فيه، واستمتع بالحياة الاجتماعية والعلاقات الطيبة مع الأهل والأصدقاء والزملاء والجيران، وابحث عن هواياتك ومارسها، وإذا شعرت بالملل استمر فى الفعل لتتغلب على الشعور بالملل، ولابد أن تتخلص من فكرة أنه لا يوجد وقت للرياضة أو الفسحة أو حتى القراءة،



فالوقت أكثر مما تتخيل، وتخلص من فكرة أنه لا توجد إمكانيات (فهناك من يقف على كوبرى ٦ أكتوبر مساء فى الصيف للاستمتاع بمنظر النيل والقاهرة ليلا.. بس لو ميعطلوش الكوبرى!)، ولا تجعل شيئاً يأتى على حساب الآخر، بمعنى (لو زعلان فى الشغل متتخانقش وتبقى نكدى فى البيت)، ولابد أن تسعى إلى «التقرب من الله»، فالتقرب من الخالق يمنح الإنسان شعورا بالسكينة والراحة، والصفاء النفسى الشديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق